ظلم المراة في مجتمعاتنا هل له حل؟
في القديم كانوا يعتبرونها شيطاناً، نحساً ومدعاة للشؤم وغضباً من الآلهة، قدماء العرب اعتبروها عاراً لابد وأن يوارى التراب بسرعة، لكن الأمور تطورت قليلاً بعد ذلك، حيث أصبحوا يعتبرونها أداة لتفريغ الكبت، وآلة متعة، ومجرد وسيلة وجدت لترضي شهوات غيرها، من هي؟....... أمي وأمك، أختي وأختك، ابنتي وابنتك، انها المرأة، أكثر من نصف المجتمع، لأن مصطلح "نصف المجتمع" فيه ظلماً لها، فهي التي تحمل، تتألم، تلد، ترضع، تسهر، تربي، فهل هذا فقط نصف؟ ماذا نفعل نحن الرجال مقابل ذلك؟ نأكل وننام ونمارس الجنس ونبقى خارج البيت غالب النهار ونحضر النقود فقط، فهل في بنية المجتمع نعادل ما تنتجه النساء؟ انهن من صنعنا نحن الرجال، هل منا من ولده رجل أو أرضعه رجل أو رباه رجل؟ لا، فكيف اذا المرأة نصف المجتمع؟ انها أكثر. أما اذا قبلنا مجازاً بأننا مسلمون (فنحن حسب اعتقادي الشخصي والذي لا ألزم به أحد، لا نحمل من الاسلام غير الاسم والهيكل) فان النبي قال "أمك، أمك، أمك ثم أبوك" فالنصيب الأكبر للأم، هي ثلاثة أرباع المجتمع حسب الحديث الشريف.
في جميع المجتمعات العربية، وبنسب متفاوتة، المرأة حتى هذه اللحظة مهانة، رغم قدوم الاسلام الذي حررها من كثير من القيود، ورغم التطور المهول في العلوم والتكنولوجيا، فهي لا تأخذ حظها من الرعاية والقبول والاهتمام كالرجل منذ لحظة الميلاد، كما وتكبل بعد انتهاء مرحلة الطفولة بالكثير من القيود التي تطمس شخصيتها وتمسح كيانها وتلغي وجودها، هل يعقل أنه حتى هذا العهد الغالبية من الفتيات لا رأي لهن في صفقات بيعهن، عفواً أقصد زواجهن؟ هل يعقل أن تضرب المرأة حتى اليوم؟ هل يعقل أن تبقى المرأة تعامل كجارية حتى اليوم؟ هل يعقل أن تستغل المرأة أبشع استغلال (خاصة الموظفات منهن) حتى اللحظة؟ هل يعقل أنه حتى اللحظة تعاقب المرأة على ذنوب لم ترتكبها؟ هل وهل و...... وهل، انني أجزم بأن أفضل النساء عندنا حالاً مهانة.
هذا وتطالعنا العديد من الصحف والمجلات والمواقع، زيادة على الواقع الذي نعيشه بأنفسنا، عن جرائم تقترف بحق النساء اللائي قال عنهن الرسول الأمين "رفقاً بالقوارير"، فبعد أن تغتصب الفتاة تقتل بحجة مسح العار، أي أنها أصبحت ضحية من اغتصبها وبعد ذلك ضحية أهلها، ان وجود مثل من يفكر بتلك الطريقة لغاية اليوم هو العار بعينه، وقتله للضحية يدل على وجود تخلف جيني وجبن أخلاقي وضعف عقلي لديه، لأنه بذلك يهرب ولا يواجه ولا يمارس قوته الا على الضعيف، وهذه من صفات الأنذال منحطي الأخلاق.
مازالت المرأة حتى اليوم تهان ان أنجبت اناثاً فقط أو ان أكثرت م
ن انجاب الاناث ولم تنجب الذكر (حامي حما العرب وصائن مجدها ومحررها من التخلف) وفي ذلك اعتراض صريح صارخ لا يقبل التأويل على الله تعالى، حيث قال بوضوح في بعض آيات القرآن المحكم التنزيل "يهب لمن يشاء ذكوراً"، "يهب لمن يشاء اناثاً"، "يزوجهم ذكراناً واناثاً "، "يجعل من يشاء عقيماً"، ثم نصوم رمضان بعد هذا الاعتراض المنحط الوضيع على حكم الله تعالى، فأي صيام هذا الذي يقبل منا؟ وهل هو صيام أم جوع فقط؟
في غالبية دول بني يعرب لا ترث المرأة أو يتم التلاعب في الحصص ليأكلوا عليها ميراثها وحقها الشرعي، ويقرؤون القرآن، أي قرآن هذا الذي تقرؤون؟
حتى اليوم الغالبية العظمى من النساء العربيات يضربن على أيدي أزواجهن، ولا يستشرن ولا يقبل لهن رأي، ولا يحق لهن الاعتراض على أي شيء، يتم توقيفها عن الدراسة ليكمل أخوها تعليمه.
الحديث في هذا الموضوع يطول ويطول، وما أن تنتهي من جزء الا وتدخل جزءً آخراً من المسلسل المشؤوم دون شعور، العديد من النساء يلجأن بعد الاعتداء عليهن لبعض المؤسسات، لكن تلك المؤسسات ليست لها القدرة على تحمل آلام نساء شعب كامل، بل هي تحاول حل بعض المشاكل وبشكل فردي لحالات معينة حسب امكانياتها.
هذا واذا تجرأت امرأة ولجأت للشرطة فان أول من سيحتقرها وينظر لها نظرة النشاز هو نفس من سيسجل شكواها من الشرطة، وحل مشكلتها لن يتم الا بالمصالحة (تهرب من المسؤولية) مع زوجها أو تعهد منه بعد مسها، لكنه فور الوصول الى البيت يكون أول منتقم منها، أما ان لجأت لاهلها فالمصيبة أعظم، حيث أن والدها بعد أن باعها، عفواً، أقصد زوجها، فهو يعتبر أنها انته
ت بالنسبة له، ويقوم بدس أمها لتعقلها وتعيدها الى رشدها وتعود لزوجها البطل، وهنا تكتمل أبعاد المأساة، فلا المؤسسات قادرة، وعجز قانوني، والأهل ظلمة، فما الحل يا ترى؟
الحل ذو جوانب متعددة :
• الجانب الأول منه تشريعي قانوني، أي أنه لابد للمجلس التشريعي الذي نصب أعضاؤه أنفسهم نواب للأبد علينا، لابد عليهم من سن قانون اجتماعي حضاري وعصري يحمي جميع الفئات الاجتماعية من الظلم وخاصة المرأة، وأن يقر عقوبات واضحة على من يعتدي على أي امرأة مهما كانت صلة قرابته منها، فالزوجة ليست قطعة قماش ولا علبة كبريت، انها كائن حي بكامل الحقوق.